الإعلام بين نقل الحقائق والاستهداف:
الإعلامي هو الشخص الذي يعمل في مجال الإعلام، سواء في الصحافة، التلفزيون، الإذاعة، أو الإعلام الرقمي، ويقوم بنقل الأخبار والمعلومات إلى الجمهور. يشمل ذلك المذيعين، المراسلين، الصحفيين، المحللين، والمحررين.
يختلف دور الإعلامي بحسب تخصصه، فقد يكون مذيعًا ينقل الأخبار، أو مراسلًا يغطي الأحداث من موقعها، أو صحفيًا يحقق في القضايا، أو حتى صانع محتوى رقمي ينشر المعلومات عبر الإنترنت. وظيفته الأساسية هي إيصال المعلومات بموضوعية ومهنية، مع الالتزام بالمعايير الأخلاقية للإعلام، مثل الدقة والحياد.
دور الإعلامي في المجتمع محوري ومؤثر، حيث يُعتبر حلقة الوصل بين الأحداث والجمهور. يمكن تلخيص دوره في عدة نقاط أساسية:
1. نقل المعلومات ونشر الوعي : الإعلامي مسؤول عن توصيل الأخبار والمعلومات للجمهور بموضوعية وشفافية، مما يساعد في تشكيل وعي عام مستنير.
2. مراقبة السلطة وكشف الفساد : يلعب الإعلاميون دورًا رقابيًا على الحكومات والمؤسسات، من خلال التحقيقات الصحفية وكشف الانتهاكات، مما يسهم في تعزيز الشفافية والمساءلة.
3. تشكيل الرأي العام : من خلال التحليلات والتقارير، يساهم الإعلام في توجيه الرأي العام حول القضايا السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، مما يؤثر في صنع القرار.
4. تعزيز الحوار والتواصل : يوفر الإعلاميون منابر للنقاش وتبادل الأفكار، مما يعزز الحوار المجتمعي حول القضايا الهامة ويشجع على التفاهم بين مختلف الفئات.
5. دعم التنمية والتعليم : من خلال البرامج التثقيفية والتوعوية، يساعد الإعلام في رفع مستوى المعرفة لدى الجمهور، سواء في المجالات الصحية، الاقتصادية، أو البيئية.
6. الترفيه والتأثير الثقافي : إلى جانب الأخبار والتحليلات، يلعب الإعلام دورًا في الترفيه ونشر الثقافة من خلال البرامج الفنية، الرياضية، والاجتماعية.
7. دعم حقوق الإنسان والقضايا الاجتماعية :
الإعلامي يمكن أن يكون صوتًا للمظلومين والمهمشين، من خلال تسليط الضوء على قضايا مثل حقوق الإنسان، المساواة، والعدالة الاجتماعية .
تحظى حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة بتغطية عدة نصوص قانونية دولية، أهمها:
1. اتفاقيات جنيف (1949) والبروتوكولات الإضافية المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول (1977): تؤكد أن الصحفيين الذين يقومون بمهام مهنية في النزاعات المسلحة يجب أن يُعاملوا كمدنيين، وبالتالي لا يجوز استهدافهم.
المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول: تحظر الهجمات العشوائية ضد المدنيين، مما يشمل الصحفيين غير المشاركين في القتال.
2. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) المادة 19: تكفل حرية التعبير والإعلام، مما يشمل حق الصحفيين في نقل المعلومات دون خوف من الاضطهاد.
3. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) المادة 19: تؤكد الحق في حرية التعبير ونقل المعلومات، مما يشمل حماية الصحفيين.
4. قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن قرار مجلس الأمن رقم 1738 (2006): يدين الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة، ويؤكد التزام الأطراف المتحاربة بحمايتهم وفق القانون الدولي.
5. نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) المادة 8: تصنّف الهجمات المتعمدة ضد المدنيين، بمن فيهم الصحفيون، كجرائم حرب تستوجب الملاحقة القضائية.
6. اتفاقيات إقليمية ومعاهدات إضافية : مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان، والتي تؤكد جميعها على حرية الصحافة وحماية الإعلاميين.
استهداف الصحفيين، خصوصًا في مناطق النزاعات المسلحة، يُعتبر جريمة خطيرة بموجب القانون الدولي، ويمكن أن يرقى إلى:
1. جريمة حرب : وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الاستهداف المتعمد للمدنيين، بمن فيهم الصحفيون غير المشاركين في الأعمال العدائية، يعد جريمة حرب.المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف تؤكد أن الصحفيين المدنيين يتمتعون بحماية مماثلة للمدنيين الآخرين، وأي هجوم يستهدفهم بشكل مباشر يُعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني.
2. جريمة ضد الإنسانية : إذا كان الاستهداف جزءًا من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد الصحفيين كجزء من سياسة قمعية، فإنه قد يُصنّف جريمة ضد الإنسانية، كما هو مذكور في المادة 7 من نظام روما الأساسي.
3. انتهاك لحرية الصحافة وحقوق الإنسان : قتل أو اعتقال أو تعذيب الصحفيين ينتهك المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تضمن حرية التعبير والإعلام. قرارات مجلس الأمن، مثل القرار 1738 لعام 2006، تدين الهجمات على الصحفيين وتطالب بحمايتهم
4. عمل إرهابي أو جريمة قتل : في بعض الحالات، يمكن أن يُعتبر استهداف الصحفيين جريمة إرهابية إذا كان الهدف هو نشر الخوف وإسكات الإعلام. في الحالات الفردية، يمكن تصنيفه كجريمة قتل متعمد يُعاقب عليها القانون الجنائي للدولة التي وقع فيها الحادث. ويمكن مقاضاة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم الوطنية أو الدولية، وفقًا لاختصاصها. تتولى منظمات مثل مراسلون بلا حدود والأمم المتحدة توثيق الانتهاكات والدفع نحو محاسبة المسؤولين.
بالتالي، استهداف الصحفيين ليس مجرد انتهاك، بل جريمة جسيمة قد تستدعي محاكمات دولية وملاحقات قضائية.
ومنذ اندلاع الثورة في سوريا وإعلان الإدارة الذاتية لأقليم شمال وشرق سوريا عملت دولة الاحتلال التركي وبشكل دؤوب ومستمر على استهداف الإعلاميين من أجل إسكات صوت الحق وكتم الأفواه وكسر العدسات التي توثق جرائمها بحق الحجر والبشر في مناطق الإدارة الذاتية سواء عبر اجندتها ووكلائها على الأرض أو استهدافهم بشكل مباشر عبر مسيراتها حيث بلغ عدد الإعلاميين الذين استهدفهم الاحتلال التركي في اقليم شمال وشرق سوريا ( ) اعلاميا وهذه الانتهاكات معروفة لدى المجتمع الدولي حيث تُعد تركيا من بين الدول التي تشهد انتهاكات متكررة لحقوق الصحفيين وحرية الإعلام. وفقًا لتقرير جمعية صحفيي دجلة والفرات (DFG) لشهر كانون الثاني 2025، تم التحقيق مع 42 صحفيًا، واحتجاز 18، واعتقال 9 آخرين خلال ذلك الشهر. في تشرين الثاني 2024، بلغت الاعتداءات على الصحفيين ذروتها، حيث تم الاعتداء على 3 صحفيين، ومداهمة منازل 13، واعتقال 21، وإدانة 3، وتعرض 6 لسوء المعاملة. وتحتل تركيا مرتبة متأخرة في مؤشر حرية الصحافة لمنظمة “مراسلون بلا حدود”، حيث جاءت في المرتبة 157 من بين 180 دولة في عام 2018.
تُظهر هذه الأرقام استمرار التحديات التي يواجهها الصحفيون في تركيا، مما يستدعي جهودًا دولية ومحلية لتعزيز حرية الصحافة وحماية الإعلاميين.
وبشكل عام يتمتع الصحفيون بحماية قانونية دولية تمنع استهدافهم، ولكن على أرض الواقع، يتعرضون لمخاطر جسيمة في النزاعات المسلحة، وقد يتم استهدافهم أحيانًا دون محاسبة فعلية وختامًا، يلعب الإعلامي دورًا أساسيًا في تشكيل وعي المجتمع، ونقل الحقيقة، وتعزيز حرية التعبير. فهو ليس مجرد ناقل للأخبار، بل رقيب على السلطة، وفاعل في التغيير الاجتماعي، وداعم للقيم الإنسانية. ورغم التحديات والمخاطر التي يواجهها، خاصة في مناطق النزاع، يبقى الإعلامي صوتًا لا يمكن إسكاته، وأداة أساسية في بناء مجتمع أكثر وعيًا وعدالة. لذلك، فإن حماية الصحفيين وضمان استقلاليتهم مسؤولية جماعية، لضمان استمرار الإعلام الحر والمسؤول في أداء دوره الحيوي. فهل سنرى من يحاسب تركيا على إجرامها بحق الاعلام والإعلاميين ؟